حقق القطاع العقاري في دولة الإمارات العربية المتحدة نمواً مطرداً في العام 2023، صاحبه ظهور تفضيلات جديدة للباحثين عن العقارات، وزيادة ثقة المستثمرين الأجانب في السوق الإماراتي المزدهر وما يمتلكه من إمكانات واعدة وفرصاً مستقبلية هائلة.
حيث خلال حفل توزيع جوائز بروبرتي فايندر الأخير، توجهت بوابة التكنولوجيا العقارية الرائدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى عدد من قادة القطاع العقاري لتحديد خمسة اتجاهات رئيسية يمكن أن تسترعي الانتباه في القطاع العقاري في عام 2024.
وفرة في أعداد العقارات المتاحة: سيشهد العام 2024 دخول الكثير من المشاريع الجديدة وتلك على الخارطة مرحلة التسليم، مما يمنح الباحثين عن العقارات مجموعة واسعة من الخيارات للاختيار من بينها. وهذا ما أشار إليه ريتشارد ويند، الرئيس التنفيذي لشركة “بيتر هومز” (Better Homes)، عندما قال: “قد يشهد العام 2024 طرح المزيد من الوحدات العقارية، إذ يتطلع البائعون إلى الاستفادة من زخم الأسعار الحالية، بينما سيمضي المطورون قدماً في إطلاق مشاريع جديدة بوتيرة أسرع. ومن المرجح أن يُسهم هذا الضخ الجديد للمشاريع والوحدات السكنية إلى كبح جماح ارتفاع الأسعار الذي شهدناه خلال السنوات القليلة الماضية، مع إمكانية تخفيف الضغط عن المستأجرين خلال الربع الأخير من عام 2024، مع تسليم المزيد من الوحدات السكنية الجديدة، الأمر الذي من شأنه إيجاد نوع من التوازن في سوق الإيجار الحالي.”
من جانبه، نوه بن توماس، رئيس قسم السوق الثانوي، أي اكس كابيتال (AX Capital) إلى أن السوق العقاري تجاوز مرحلة النمو السريع وبدأ يظهر نوعاً من الاستقرار والنمو المستدام.
وقال: يُعطينا تحليل الاتجاهات الأخيرة رؤىً وأفكارًا قيّمة حول الأداء المُتوقع للسوق مطلع العام الجديد، ولو نظرنا إلى الفترة التي أعقبت التأثيرات الناجمة عن (كوفيد-19) في أواخر العام 2020، لوجدنا أن السوق أظهر وتيرة أكثر استدامة من النمو، ما يشير إلى مرحلة من الاستقرار بدلاً من طفرات في الأسعار قائمة على التكهن.
استقرار سوق العقارات المتوسطة: يبدو أن سوق العقارات المتوسطة قد يتأثر بتنظيم التسعير، وفي هذا السياق، يقول عبد الله العجاجي، مؤسس شركة “دريفن بروبرتيز” (Driven Properties): “من المقرر تسليم نحو 24,000 وحدة سكنية فقط في عام 2024، ما يمثل نصف عدد الوحدات التي تم تسليمها في 2023. وتقع غالبية هذه الوحدات المقرر تسليمها في مناطق ذات أسعار معقولة مثل “قرية جميرا الدائرية” و”أرجان” و”مدينة دبي للإنتاج (اي ام بي زد) و”دبي لاند”، مع تسليم المزيد من الوحدات أيضاً في مناطق السوق المتوسطة مثل “مدينة محمد بن راشد” و”دبي هيلز” و”دبي مارينا” و”الخليج التجاري”. ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى المزيد من الضغط على أسعار الإيجارات في المناطق ذات الأسعار المعقولة، ويؤدي إلى حد ما لاستقرار السوق المتوسطة عندما تصبح الإيجارات أكثر تكيفاً مع متغيرات السوق. أما في سوق العقارات ذات القيمة العالية، فمع وجود فجوة بين العرض والطلب، من المرجح أن نشهد ثباتاً في معدل الإيجارات وتذبذب في الأسعار صعوداً”.
زيادة التنوع في المشهد العقاري: شهد الربعين الثاني والثالث من عام 2023 تنويع مدينتي دبي وأبوظبي لأنشطتهما العقارية على نطاق سريع مع وجود مناطق أكثر اخضرار في المناطق السكنية وارتفاع أعداد المشاريع على الخريطة وتزايد معاملات شراء العقارات الجاهزة وزيادة ثقة المستثمرين الأجانب الباحثين عن العقارات، وثبات معدل نمو العقارات الفاخرة خلال النصف الأول من عام 2023. وفي هذا الصدد، قالت كيكا بافيز، المدير التنفيذي لشركة إم دي للوساطة العقارية: “نتوقع أن يتسم السوق العقاري في عام 2024 بالتنوع، إذ إن العديد من المشاريع التي طُرحت على الخارطة خلال السنوات السابقة ستصل إلى مراحل التسليم، وبالتالي سيشهد العام 2024 تحقيق سوق أبوظبي العقاري توازناً وتناغماً بين قطاعات التأجير وإعادة البيع والمبيعات على الخارطة لتلبية احتياجات شريحة واسعة من العملاء. وستتاح الفرصة لبائعي العقارات من المستثمرين لإعادة الاستثمار في عقارات مميزة أخرى، والتي يُتوقع دخولها إلى السوق في عام 2024. ومن المرجح أن تتعزز ثقة المستثمرين الذين حققوا مكاسب مالية سريعة من استثماراتهم في عام 2023، ما يدفعهم إلى مواصلة أعمالهم الاستثمارية في القطاع العقاري.”
بالمقابل، توقع لويس هيتلي، المالك والمدير التنفيذي لشركة إكسلوسيف لينكس ريل استيت بروكرز، تحقيق سوق دبي العقاري نمواً مستقراً يتراوح بين 3.5% و5% في عام 2024. نظرة إيجابية عززها النمو السكاني المستدام، ودعمها المشهد الاقتصادي التنافسي والمبادرات الحكومية المشجعة التي استقطبت إليها الشركات والأفراد من جميع أنحاء العالم، وأضاف هيتلي: “قد يسهم معدل النمو المعتدل، بالنظر إلى الاتجاهات الأخيرة، والمدعوم بارتفاع وتيرة عمليات التسليم والمشاريع الجديدة، في تخفيف الضغوط الناجمة عن قلة المعروض. وقد نجح النهج الاستراتيجي الذي تتبناه دبي في استراتيجياتها التنموية في تعزيز مكانتها وجهةً جذابة للاستقرار لمختلف القطاعات. ومع قرب حلول عام 2024، يظهر القطاع العقاري ميلاً ملحوظاً للتوسع المُطرد، مدعوماً بمجموعة فريدة من الحوافز الاقتصادية والإجراءات الحكومية الاستباقية البناءة.”
أنماط الحياة الجديدة: ظهرت العديد من الاتجاهات الجديدة الناشئة في القطاع، مع ارتفاع نسبة تملك العقارات، بما في ذلك الإيجارات قصيرة الأجل وخيارات المعيشة المرنة، مدفوعة بأنماط الحياة المتطورة والتغيرات المهنية والتقدم التكنولوجي المتسارع. وفي هذا المجال، قالت نينا كليشيفيتش، المدير العام لشركة بلو غراوند (Blueground): “يُسهم أسلوب الحياة المرنة في التخفيف من أعباء استئجار شقة سكنية وذلك بفضل التكنولوجيا، بما في ذلك اختيار العقار ومعاينته وإدارة تفاصيل الانتقال إليه ومعرفة مواصفات الشقة وطلبات الصيانة، وكل ذلك من خلال منصة واحدة سهلة الاستخدام ومتطورة. كما يحظى المستأجر بحرية إبرام اتفاق مرن مع تجنب الالتزامات طويلة الأجل.”
تجارب سهلة وسلسة لخدمة المتعاملين: “تأسست بروبرتي فايندر في عام 2007، وحينها لم يكن هناك أي بوابات عقارية رقمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، أما اليوم فهناك أكثر من 200 شركة تعمل في مجال التكنولوجيا العقارية في المنطقة، وتسهم مجتمعة على نحو فاعل في تبسيط عملية البحث عن العقارات المناسبة. ومع تكيف القطاع العقاري مع طرق العمل الحديثة، ستواصل التكنولوجيا العقارية أداء دور مؤثر خلال السنوات القادمة، مع إعطاء الأولوية للاستثمارات في التكنولوجيا والمواهب لضمان تجارب سلسة للعملاء عبر مجمل رحلة البحث عن العقارات. وبالرغم من تأكيد كيكا بافيز على الأهمية البالغة للعلاقات الشخصية في قطاع العمل العقاري، إلا أنها تُدرك استحالة تجاهل التأثير المتزايد للتكامل التكنولوجي المدمج مع الذكاء الاصطناعي، حيث قالت: “التقدم التكنولوجي الذي شهده القطاع العقاري كان رائعاً، ولم يقتصر على الأسواق المحلية، بل امتد ليشمل الأسواق العالمية أيضاً. وقد أحدث هذا التكامل التكنولوجي تغييرات جذرية في طريقة شراء العقار وتجربته. ويبدو أن قطاع العقارات ستتضح ملامحه في عام 2024 من خلال التكامل السلس بين التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ما يعيد صياغة الطريقة التي نتعامل بها مع العقار ويرتقي بالثقة والشفافية في السوق العقاري.”
حقبةٌ مزدهرة يشهدها القطاع العقاري مع ظهور قوائم وإعلانات جديدة وتحديث القديم منها ومواصلة القطاع لدوره الحيوي في دفع عجلة النمو في البلاد، بما يزخر به من فرص متاحة وواعدة. وتؤكد بروبرتي فايندر، بوابة التكنولوجيا العقارية الرائدة في المنطقة، التزامها الثابت بالارتقاء بعمليات البحث عن العقارات وتبسيطها من خلال تقديم مجموعة واسعة من الأدوات والميزات التي تم تصميمها خصيصاً لمساعدة الباحثين عن العقارات لاتخاذ قرارات مدروسة ومستنيرة.
وقال شريف سليمان، الرئيس التنفيذي للإيرادات، بروبرتي فايندر: “شهد القطاع العقاري في دولة الإمارات هذا العام تسجيل أرقام قياسية هي الأكثر من نوعها حتى الآن، من حيث ارتفاع نسبة التملك وتأجير العقارات مع تحقيق نمو في عوائد الاستثمارات. ونتطلع مع شركائنا، ونحن على وشك استقبال عام جديد، إلى تطوير القطاع لتمكين الناس من عيش الحياة التي يستحقونها، ومساعدتهم على الوصول السلس إلى المعلومات ودعمهم عبر تقديم تجارب راقية ومُحسنة للعُملاء.