الأربعاء, فبراير 5, 2025
Google search engine
الرئيسيةمدارات«زحمة يا دنيا زحمة»

«زحمة يا دنيا زحمة»

حسن مدن

في التسعينات الماضية استضافت الدائرة الثقافية في الشارقة الكاتبة اللبنانية الراحلة مي غصوب، لتقدّم كتابها الصادر يومها، «العرب في لقطة فيديو»، وفيه انتقدت ازدراء نخب ثقافية وفنية لوجوه الغناء الشعبي، خاصة في مصر، ومن الأمثلة ألتي أعطتها ظاهرة المطرب الشعبي الشهير أحمد عدوية، حيث أنكرت على بعض النقاد والمثقفين نظرتهم الدونية لهذا النوع من الأغاني، قائلين إنها نماذج لما يطلقون عليه «الأغاني الهابطة»، فيما هذا النوع من الغناء الشعبي متأصل الجذور في الثقافة الشعبية في مصر، والمرجح أن له أمثلة نظيرة في البلدان العربية الأخرى، ومما أتى في كتابها وذكرته في الندوة التي أقامتها في الشارقة أن بعض كبار المثقفين المصريين الذين يجاهرون بنقدهم لغناء عدوية مثلاً أفصحوا لها أنهم يستمتعون بالاستماع إلى أغانيه، متوقفة عند هذه الازدواجية الكاشفة لخلل في تكوين بعض أهل الثقافة والفن.

الكاتب المعروف في الصحافة الثقافية سيد محمود نقل عن أحمد عدوية شخصياً أنه لما ذاع صيته كمغنٍّ نصحه بعض العازفين البارزين في فرقته بأن يسجل أغانيه في «استديو 46 إذاعة» الذي كان نجوم الغناء، يومها، يسجلون أغانيهم فيه، وذات مرة والفرقة تسجل لعدوية أتى الموسيقار محمد عبد الوهاب الإذاعة فجأة، ولما لعبد الوهاب من مهابة خاف العازفون وغادروا الاستوديو، وأثناء خروجهم لمح عبد الوهاب أحمد عدوية، فطلب من مدير الاستوديو مناداته، ولما وقف أمامه خاطبه عدوية قائلاً: «يا أستاذ احنا غلابة وبناكل عيش»، فردّ عبد الوهاب «يا ابني اللي مصر كلها تغني وراه مش غلبان أبداً»، ثم سأله عن ملحن أغنية «إعلان سلام علشان خضر العطار»، فردّ عدوية أنه «شخص غلبان اسمه محمد عصفور»، فضحك عبد الوهاب وهو يقول: «تاني بتقول لي دا راجل غلبان، يا ابني دا فنان كبير خد بالك منه».

قبل أيام قليلة رحل عدوية الذي أشعلت أغانيه دنيا الطرب الشعبي، وعانى في حياته محنة صحية أتعبته كثيراً وطويلاً، بعد شهور من وفاة زوجته «نوس»، التي كانت عضده في الحياة، ويوم توفيت توقع الكثيرون أن عدوية لن يعش بعدها طويلاً، وهذا ما حدث فعلاً، ليغادرنا الفنان الذي صنع البهجة للقطاعات الواسعة من الناس، ويكفي ذكر أسماء بعض أغانيه لمعرفة كم أحب الناس هذه الأغاني مثل: «يا بنت السلطان»، و«سلامتها أم حسن»، و«كله على كله»، و«راحو الحبايب»، و«سيب وأنا أسيب».

تقول كلمات أغنيته «زحمة يا دنيا زحمة» من تأليف حسن أبو عتمان وألحان هاني شنودة: «أجي من هنا زحمة.. وأروح هنا زحمة.. هنا أو هنا زحمة». زحمة الحياة هذه صنعت عدوية الشخص والفنان الباقي رغم موته.

عن “الخليج” الإماراتية

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شعبية

احدث التعليقات